، هذا ما يدفعني إلى الحديث عن البدايات، فمنذ اليوم الأول لي كطالب بقسم الأنظمة في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز، وأنا أبحث عن سبب حقيقي يبرر دخولي مُعترك الحياة القانونية، خاصة وأن جُل إهتمامي كان ينصب على تناول الإنتاج الأدبي كوجبة روحية بإختلاف جوانبه الثرية من شعر وقصص وروايات، حينها كان من المستحيل الوصول إلى إجابات مقنعة لذلك السؤال، فكيف كان لي شخصياً التخلي عن متعة الإبحار بين طيات خيال الإنتاج الأدبي، وذك القرار المفزع بالرسو على شاطئ الواقعية التامة والفظة للدراسات القانونية.
على تلك المسألة في حينها على اعتبار ضرورة التجربة والتعمق في علم إنساني غامض بالنسبة لي رغم نشأته القديمة، ومع مرور الوقت بدأت أتحسس مدى إلتصاقه الحتمي بكل مناحي الحياة الإنسانية فضلاً عن أصوله المتشعبة والمرتبطة بعلم الفلسفة والمنطق.
ولازال السؤال لماذا القانون؟ ماهو الدافع الذي يحرضني لترك كنف الأدب الرغيد، والإرتماء في شقاء صلابة وواقعية القانون؟!
عادياً في منتصف الفصل الأول من العام الدراسي الثاني، وقد كان البروفيسور الدكتور محمود مظفر (رحمه الله)، يستعرض نظرية فلسفية جديدة ضمن مادة (مصادر الالتزام)، ويغوص في شرح الفرق بين الحق والالتزام، وكان يقول بأن كل حق لابد له من التزام يقابله، وأن كل التزام لابد له من حق يقابله، وعندها فقط أدركت ثورة سؤالي القديم لماذا أدرس القانون؟
كفيلاً بجذبي نحو علم مُبهر وخلاق، سؤال يتكاثر في رأسي كقبيلة أرانب، بسب جهلي العظيم بعوالم الفلسفة القانونية و منحنيات أزقتها و حواريها الخطرة، وحقيقة أُميتي الطاغية أمام لغتها الفضائية، ومن هنا بدأت رحلة البحث والتقصي في مدونات وأدبيات ونظريات القانون، للإجابة على ذلك السؤال، الحق أم الالتزام أيهما يأتي أولاً؟
تبدوا غير مهمه لعملاء شركتنا، إلا أن حرصي الدؤوب على تحفيز تطور الفكر القانوني لدى كوادرنا من محامين ومتدربين سوف ينبئهم بمقدار عبقرية معالجتنا لمسائلهم القانونية مستقبلاً، فتعاملنا مع القانون نابع من رغبة صادقة وجازمة بأن نصنع لهم الإبداع القانوني.
أنا فخور بكوني تخرجت من تحت يد نخبة من أساتذة قسم الأنظمة بصفة خاصة، فضلاً عن أعلام كلية الاقتصاد والإدارة بصفة عامة، في جامعة الملك عبدالعزيز، ومن ثم مُنحت الشرف بحصولي على درجة الدبلوم العالي في قانون التجارة والاستثمار الدولي من جامعة القاهرة، وبعدها بدأت مسيرتي العملية كمعيد بمعهد الإدارة العامة بمدينة الرياض، وبفضل الله حصلت على درجة الماجستير في القانون من جامعة ويك فورست بالولايات المتحدة الأمريكية، لتبدأ حياتي المهنية من بعد إنتقالي للعمل لدى الشركة السعودية للطيران الخاص (ناس القابضة) كمستشار للعقود، وبتوفيق الله حصلت على رخصة ممارسة المحاماة في عام (1428ه) وبدأت أولى الخطوات بتأسيس مكتب محاماة، ذلك الكيان الصغير الذي أصبح الأن شركة تضم جيلاً قانونياً متميزاً يسعى بكل إحترافية وحماس لنجاح أعمال عملائنا.